د. محمود حافظ كتب مقالا بعنوان "تطبيقات نظم المعلومات الجغرافية وتحديات العصر"
في عصر التقنيات الحديثة وغزارة المعلومات، تجد أن نظم المعلومات الجغرافية (GIS) أصبحت أداة قوية وفعالة في مساعدة البشر على فهم وإدارة العالم المحيط بهم. هذه التقنيات المتطورة تمكننا من جمع البيانات الجغرافية وتحليلها وتوظيفها للمساعدة فى صنع القرارات الحاسمة في مختلف المجالات. سواء كنت طالبًا، باحثًا، مخططًا عمرانيا أو متخصصًا في استكشاف الموارد الطبيعية، ستكتشف أن نظم المعلومات الجغرافية قد أصبحت ضرورة يومية فى حياتك العملية.

اذا فما هو تعريف نظم المعلومات الجغرافية؟
نظم المعلومات الجغرافية (GIS) هي تقنية متطورة تجمع بين عدة علوم منها علوم الجغرافيا وعلوم الحاسب والاستشعارعن بعد. تسمح هذه التقنية بجمع وتخزين وتحليل وعرض البيانات المكانية المرتبطة بموقع جغرافي معين. تشمل هذه البيانات خرائط وصور فضائية وبيانات إحصائية والعديد من المصادر الأخرى للبيانات المكانية. يتم استخدام البرمجيات المتخصصة لتوظيف هذه البيانات لإنشاء خرائط رقمية وتحليلات مكانية ونماذج ثلاثية الأبعاد. تعد تقنيات نظم المعلومات الجغرافية أداة قوية جدا في مساعدة المستخدمين على فهم أنماط وعلاقات الظواهر الطبيعية وتحليلها واستخراج الكنوز المدفونة من داخل البيانات الضخمة.

تطبيقات نظم المعلومات الجغرافية في الحياة اليومية
إن تطبيقات نظم المعلومات الجغرافية واسعة النطاق والانتشار وتمتد إلى مختلف مجالات الحياة. على سبيل المثال، نجد أن تطبيقات الخرائط الرقمية والملاحة باستخدام الأجهزة الذكية (الهواتف – الاجهزة اللوحية – الحواسب المحموله .....) قد أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية فى التنقل داخل المدن من مكان الى اخر بكل سهولة ويستخدم في تخطيط شبكات النقل وتحليل حركة المرور وتحديد المواقع المثلى لمحطات النقل العام. كما يتم استخدام GIS في إدارة المرافق العامة مثل الطرق والكهرباء والمياه. في مجال التخطيط العمرانى تساعد GIS المخططين في فهم التوزيع السكاني وتحديد احتياجات المناطق من مدارس ومحال تجارية وخدمات مختلفة. كما تستخدم في الزراعة الدقيقة حيث يمكن للمزارعين استخدام GIS لمراقبة صحة المحاصيل، وتحديد المناطق التي تحتاج إلى الري أو الأسمدة. كما يساعد فى الخدمات الصحية من خلال تحديد توزيع الخدمات الصحية وتحليل انتشار الأمراض وتوزيعها الخغرافى. ويساعد GIS في مراقبة التغيرات البيئية والمناخية وتحليل تأثير النشاط البشري على النظم البيئية.

تطبيقات نظم المعلومات الجغرافية في الجيولوجيا وإدارة الموارد الطبيعية
يعد استخدام نظم المعلومات الجغرافية في مجال الجيولوجيا من التطبيقات الرئيسية. تساعد GIS الجيولوجيين في رسم الخرائطة الجيولوجية بدقة عالية وتحديد مواقع المناجم والخامات المعدنية، ورصد التغيرات الجيولوجية عبر الزمن تكاملا مع تقنيات وبيانات الاستشعار عن بعد. كما تستخدم في تقييم المخاطر الجيولوجية كالزلازل والانزلاقات الأرضية. أما في مجال إدارة الموارد الطبيعية، فتساعد GIS في التخطيط الاستراتيجي للموارد كالمياه والغابات والخامات الاقتصادية. كما تُستخدم في رصد التغيرات البيئية وتقييم الأثر البيئي للمشروعات.

مميزات وتحديات نظم المعلومات الجغرافية
من أبرز مميزات نظم المعلومات الجغرافية قدرتها على توفير منظور مكاني واسع المدى للبيانات وتسهيل عملية اتخاذ وصناعة القرار وتحسين كفاءة العمليات. كما تتميز بقدرتها على دمج بيانات من مصادر متنوعة ومختلفة وإنشاء تحليلات معقدة لايمكن الوصول اليها يدويا.

تحديات العصر في تطبيقات GIS:
- البيانات الضخمة: التعامل مع كميات كبيرة من البيانات وتحليلها بسرعة وكفاءة يشكل تحديًا كبيرًا.
- التكامل بين البيانات: يتطلب تطبيق نظم المعلومات الجغرافية تكنولوجيا متقدمة وبرامج متخصصة. قد يكون التكامل بين نظم المعلومات الجغرافية والأنظمة الأخرى تحديًا تقنيًا يتطلب موارد وخبرات كبيرة.
- الأمن والخصوصية: حماية البيانات الحساسة وضمان خصوصية الأفراد يشكلان تحديات مهمة، خاصة مع زيادة استخدام التطبيقات السحابية.
- التحديث المستمر للبيانات: تعتبر جودة البيانات ودقتها من أكبر التحديات التي تواجه نظم المعلومات الجغرافية. تحتاج التطبيقات المختلفة إلى بيانات دقيقة وحديثة لتحقيق نتائج موثوقة. يمكن أن تكون عملية جمع البيانات وتحليلها مكلفة ومعقدة.
- التحليل المعقد: تنفيذ التحليلات المتقدمة يتطلب خبرة ومهارات تقنية عالية.
- التكلفة والتمويل: تتطلب نظم المعلومات الجغرافية استثمارات كبيرة في التكنولوجيا والتدريب. قد يكون من الصعب تأمين التمويل اللازم للمشاريع الكبيرة، خاصة في الدول النامية.
- التطور التكنولوجي السريع: مواكبة التغيرات السريعة في التكنولوجيا والتكيف معها يمثل تحديًا دائمًا.
- التدريب وبناء القدرات: تحتاج المؤسسات إلى تدريب مستمر للموظفين على استخدام نظم المعلومات الجغرافية بشكل فعال. يعتبر نقص الخبرات المتخصصة في هذا المجال من التحديات التي تواجه العديد من المنظمات.
من خلال التغلب على هذه التحديات، يمكن تحسين استخدام نظم المعلومات الجغرافية لتحقيق فوائد أكبر في مختلف المجالات.
وفى الختام
تعد نظم المعلومات الجغرافية تقنية حيوية تُسهم في تحسين العديد من جوانب حياتنا اليومية، بدءًا من التخطيط العمراني إلى إدارة الموارد الطبيعية والصحة العامة. ومن خلال جمع البيانات المكانية والربط بينها تمكننا GIS من اتخاذ قرارات أكثر دقة وفعالية في مختلف المجالات. ورغم العديد من التحديات التي تواجهها، يمكن التغلب عليها من خلال الاستثمار في التكنولوجيا، وتطوير القدرات البشرية، وتحسين جودة البيانات. وستظل نظم المعلومات الجغرافية أداة قوية في مواجهة تحديات العصر وتحقيق التنمية المستدامة.
د. محمود حافظ اليسير
مدرس الاستشعار عن بعد - قسم الجيولوجيا كلية العلوم - جامعة الأزهر
